top of page

رحلة ابن فضلان: الخزر

نص على الخزر

الخزر «٣٥٣»

فأمّا ملك الخزر واسمه خاقان فإنه لا يظهر إلا في كل أربعة أشهر متنزها ويقال له خاقان «٣٥٤» الكبير، ويقال لخليفته خاقان به وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبّر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه «٣٥٥» ويدخل في كلّ يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الأخبات «٣٥٦» والسكينة ولا يدخل عليه إلا حافيا وبيده حطب فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان، ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاوشيغر «٣٥٧» .

ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد غير من ذكرنا.

الولايات في الحلّ والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به.

ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كلّ بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة «٣٥٨» فوق ذلك وتحت الدار نهر والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون القبر فوق ذلك النهر ويقولون: حتّى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام.

وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت، ويسمى قبره الجنة ويقولون: قد دخل الجنة وتفرش البيوت كلّها بالديباج المنسوج بالذهب.

ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة كلّ امرأة منهنّ ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها، وله من الجواري السراري «٣٥٩» لفراشه ستون ما منهن إلا فائقة الجمال وكلّ واحدة من الحرائر «٣٦٠» والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج «٣٦١» وحول كل قبة مضرب «٣٦٢» ولكل واحدة منهم خادم يحجبها، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه. ويقف الخادم على باب قبة الملك فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة.

وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل فلا يراه أحد من رعيته إلا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.

ومدة ملكهم أربعون سنة إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه.

وإذا بعث سرية لم تول الدبر «٣٦٣» بوجه ولا سبب فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها، فأمّا القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون، وكذلك دوابّهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم، وربّما قطع كلّ واحد منهم قطعتين وصلبهم، وربّما علّقهم بأعناقهم في الشجر وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.

ولملك الخزر مدينة عظيمة على النهر إتل، وهي جانبان في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز وهو مسلم، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره «٣٦٤» .


  • YouTube
  • X
  • Artstation
  • Sketchfab
  • LinkedIn
  • Reddit
  • Flickr
  • Instagram

© 2020 - 2024 by BilgeBitig.org

bottom of page